عن قوة صالح وضعفه والعلاقة مع الاخر
يمنات
ازال الجاوي
منذ حشد صنعاء المليوني في 24 اغسطس الماضي وظهور الخلافات او التباينات بين انصارالله والمؤتمر الشعبي اثير جدل كبير وعميق في الوسط السياسي حول ضعف او قوة الرئيس السابق صالح اليوم ودوره وقدرته في التاثير في مجريات الاحداث في العاصمة صنعاء.
انقسم الناس في ذلك الى مذهبين اولهم يرى انه اصبح ضعيفاً وان ايامه السياسية باتت في جدول العد التنازلي في المشهد الاخير قبل اسدال الستار على حقبته وعليه نهائياً، والمذهب الاخر يرى ان الرجل عاد الى المشهد السياسي الفاعل بقوة وبدور البطولة التي بعد او ابعد عنها خلال السنوات الخمس الفائتة.
من يعتقد بضعفه اليوم يبني تصوره على اساس انه من صنع وادار حركة انصارالله من خلف الستار في المرحلة السابقة التي اشتد ساعدها “فرمته” كما يتصورون ,اما المذهب الثاني الذي يعتقد بانه اليوم اقوى من اي وقت مضى منذ ان ترك الرئاسة، فاعتقادهم مبني على استقلالية انصارالله عنه ابتداً وحاضراً وان قوته اليوم بناها من خلال استغلال التحالف معهم خلال العامين المنصرمين والذي مكنه من اعادة الامساك بزمام بعض الامور والعودة بزخم افتقده منذ تنازله عن الرئاسة ابان ثورة 2011 م بسبب ضعف انصارالله سياسياً وادارياً وقلة خبرتهم وانشغالهم بالحرب.
كما ان جدلية قوته من ضعفه مبنية ايضاً على تصور اين تكمن قوة الرجل فمن يعتقد بضعفه اليوم ينظر الى القوة العسكرية التي كان يمتلكها كمعيار وحيد او اساسي سواء النظامية منها (الحرس الجمهوري سابقاً والجيش والامن) او غير النظامية (القبائل والمليشيات الخاصة) وولاءاتها المتغيرة , اما من يعتقد بان الرجل اصبح قوياً اليوم فيعرفون جيداً ان الرجل لايستند الى قوة عسكرية فعلية منذ زمان خاصة بعد التغيرات والتدمير وتبدل الولاءات الذي حصل للقوات المسلحة وكذا لمليشيات القبائل او على الاقل لايمتلك قوات تمتلك قدرات موازية او رادعة لقوة انصارالله العسكرية ولو بشكل نسبي ويعرفون ان الرجل يعتمد في قوته التي صاغ معادلتها اليوم لم يرتكز على الجانب العسكري فقط كما كان ماقبل تنحيته من الرئاسة وانما على الجانب السياسي والمالي والاعلامي والمعرفة والخبرة والتجربة والمصالح والعلاقات المحلية والخارجية الرسمية وغير الرسمية العميقة والمتجذرة اضافة الى اعادة سيطرته على الادارة في الاجهزة المدنية للدولة في صنعاء وعموم المناطق الواقعة تحت سيطرة مايسمى “بالانقلابين” اضافة الى سيطرة جزئية غير مباشرة من خلال اتباعه وحزبه على مايسمى بالمناطق المحررة بيد “الشرعية” كما ان الرجل استطاع من خلال تلك المرتكزات ان يهرب من نتائج الحرب والقتل والتدمير باعتباره لايمتلك قوة عسكرية مستقلة مشاركة فعلياً في الحرب كما استطاع ان يتواجد بقوة في كل المعادلات السياسة وفي عواصم القرار الثلاث (صنعاء , الرياض , ابوظبي) ليس من خلال اقطاب وشخصيات نظامه السابق واعضاء حزبه الذين مازالوا مدينين له بالولاء والمرتبطين معه بمصالح متشعبة وعميقة والمتواجدون هناك فحسب بل استطاع الرجل تسويق نفسه كوسط بين الفرقاء بل ذهب ابعد من ذلك بتسويق نفسه كوسيط بين الفرقاء (خصومه السابقين واللاحقين) وكرجل سلام بين متطرفين الحرب المحليين والاقليمين واستطاع ايضاً ترميم صورته من كونه سبب في المشاكل القائمة الى كونه الرجل الذي يمتلك الحل ويسعئ لسلام , اي ان الرجل عاد بقوة الى واجهة القرار والحياة السياسية بعد ان استغل شراكاته في السلطة مع انصارالله لاعادة ترميم صورته والامساك بتلابيب ومفاصل وخيوط اللعبة ليعود كراقص على رؤوس الاخرين (الثعابين) بحرفية وفن ودون استخدام القوة والعنف هذه المرة وبذلك عادة الى سابق قوته او صنع قوته وصورته الجديدة وعلاقته مع الفرقاء الاخرين ونجح في ذلك حتى اللحظة.